يبدو أننا سنضيف في عالمنا العربي إلى سلسلة خلافاتنا وعدم اتفاقنا حتى داخل الدولة الواحدة نفسها، عدم توحيد أيام إجازة نهاية الأسبوع في دولنا ومجتمعاتنا من الخليج إلى المحيط، وهكذا نكون عرباً! إذ من المعروف أننا في الدول العربية الاثنتين والعشرين لا نعطِّل في نفس الأيام، ولا نستمتع بعطلة نهاية الأسبوع معاً. بل إن كل دولة تقرر، بناءً على السيادة، الأيام التي ترُوقها وتجعل منها أيام العطلة، مع ارتكاز الجمعة، اليوم المقدس عندنا كمسلمين. لذلك لا أتوقع أن يقرر القادة العرب في اجتماعهم في كنف الجامعة العربية العتيدة الذابلة توحيد أيام عطلة نهاية الأسبوع، ولا حتى أن يقرر قادة دول مجلس التعاون الخليجي -التجمع الإقليمي العربي الأنجح- توحيد أيام تلك الإجازة. وبعد أن أصبحت الكويت رابع دولة خليجية تغير أيام عطلة نهاية الأسبوع من الخميس إلى السبت لتنضم إلى قطر والبحرين والإمارات، أصبح بذلك أكثر من ربع الدول العربية يعتمد عطلة نهاية الأسبوع في يوميْ الجمعة والسبت. وحتى السعودية فكرت في التغيير، ولكن مجلس الشورى أرجأ قرار تغيير موعد الإجازة الأسبوعية من الخميس والجمعة إلى الجمعة والسبت ليخضع للمزيد من الدراسة. وبطبيعة الحال فقد واجهت الدول التي غيرت أيام عطلها الأسبوعية من الخميس إلى السبت خلافات ومعارضة للتغيير بين مرحِّبين لأسباب عملية وتجارية، وتيسيراً للتواصل أياماً أكثر مع المجتمعات في الشرق والغرب التي لا تعطل مثلنا يوم الخميس، وبين رافضين لأسباب دينية، أو لأسباب اجتماعية، أو وفقاً لعادات وتقاليد، ولرفض التشبه باليهود والنصارى... الخ! وكما حدث في الإمارات العربية المتحدة وقطر والبحرين من نقاش بين مؤيدين ومعارضين للتغيير، تكرر المشهد حرفياً في الكويت عندما قرر مجلس الوزراء الكويتي في مايو الماضي جعل يوم السبت من كل أسبوع يوم راحة (عطلة) بدلاً من يوم الخميس، اعتباراً من أول سبتمبر 2007. لقد بررت الحكومة قرارها بأنه نتاج دراسة، وقد جاء تماشياً مع ما هو معمول به في عدد من الدول العربية ودول مجلس التعاون الخليجي. وإن من شأن هذا التغيير معالجة الخلافات الناتجة عن الاختلاف في العطل الأسبوعية بين الكويت ودول العالم التي تعتمد يومي السبت والأحد عطلة أسبوعية، ولاسيما فيما يخص القضايا الاقتصادية والمصارف والمؤسسات المالية، ولنكسب يوم الخميس للتواصل معها. وكذلك توحيد أيام العطل في الكويت نفسها بين القطاعين الحكومي والخاص. وقد أثار هذا القرار كحال القرارات التي تتخذها الحكومة الكويتية ردات الفعل المتوقعة بين مؤيدين ومعترضين، وكل طرف تمسك بموقفه الذي عبر عنه في مجلس الأمة، وعبر الندوات والمحاضرات والمقالات في الصحف اليومية. أما مجلس الأمة نفسه فكان له رأي كان عموماً الصوت الأعلى فيه للفريق المعارض لتغيير يوم العطلة من الخميس إلى السبت. وقد جمع النائب ضيف الله بورمية، وهو نائب إسلامي، 25 توقيعاً لزملائه النواب، أي أن العدد يمثل نصف النواب، وكلهم يطالبون الحكومة بعدم تغيير العطلة الأسبوعية من الخميس والجمعة إلى الجمعة والسبت، أو أن البديل سيكون قانوناً ملزماً، وصولاً حتى إلى استجواب الوزير المسؤول في سابقة في العمل البرلماني. لاشك أن الناس في الكويت سترتبك في البداية، وستكون بحاجة لبعض الوقت لتعتاد وتتأقلم على العمل يوم الخميس، الذي سيكون يوم عمل والراحة يوم السبت. وعلى أي حال فإنه بات علينا التأقلم على التغيير والوضع الجديد، وكلما تأقلمنا أسرع كلما استمتعنا بأيام عطلة نهاية الأسبوع أكثر، فالطائرات ستزدحم بالمسافرين المغادرين يوم الخميس بدلاً من يوم الأربعاء، ويوم السبت سيكون ازدحام المطار بالعائدين بدلاً من الجمعة، وغيرها من العادات التي سنكتسبها بسبب التغيير. هكذا تأقلم وفعل الآخرون الذين سبقونا للتغيير، ولكن نحن في الكويت. وإذا ما نجح مجلس الأمة في العودة بنا إلى إجازة يوم الخميس عوضاً عن السبت الذي لم نجربه بعد فلسنا بحاجة لأن نعتاد ونتأقلم على شيء. وطبقاً لما نعيشه ونشهده في الكويت ليس مستبعداً ذلك. ما لم يسبق ذلك حل لمجلس الأمة الكويتي.